قالت والدمع في عينيها، وغصة في حلقها تدفعها حيناً وتغلبها أحياناً أخرى، لقد سكن حبها في قلبي منذ أن رأيتها.. ابتسامتها العذبة.. كلماتها الرقيقة.. نور الإيمان الذي يشع من وجهها.. صفاؤها.. نقاؤها.. كل شيء فيها جعلني اتخذها الصديقة والحبيبة..
إليها أبث أحزاني فتعزيني.. أشكو ضعف إيماني فتعظني وتذكرني..
اتأملها تردد آيات القرآن الكريم الذي تحفظه، فأشعر بنقصي وضعفي.. الكل يستمع إليها، والكل يحبها.. لقد كانت مشعل هداية للجميع.. أعرضت عن الدنيا.. لم تشغلها فتن هذا الزمان.. الموضات.. الصرخات.. الموديلات الحديثة.. لا تعنيها شيء.. بسيطة في ملبسها.. في مأكلها.. حديثها ذكر وقراءة قرآن.. أمر بالمعروف.. نهي عن المنكر.. تأنس بحديثها النفوس..
هجم المرض عليها.. تمكن من جسدها.. أنتشر في خلاياها..صارحها الجميع.. إنه السرطان .. لم يصل إلى قلبها.. لم يحطمه..
ظل قوياً بالإيمان.. صابراً محتسباً.. راضياً بقضاء الله وقدره.. لم يتوقف لسانها عن الذكر.. ترد آيات القرآن الكريم فتجد سلواها وعزائها فيه.. ظلت صابرة محتسبة..مؤمنة بربها راضية بقضائه وقدره..
وحانت اللحظة الحاسمة.. وجاءت سكرة الموت.. غصصه.. آلامه.. فجأة.... صارت تردد.. لا.. أريد درجة أعلى.. لا.. أريد درجة أعلى.. تعجب أهلها.. قالوا: إنها الحمى.. لابد أنها تهذي.. ظلت تردد.. لا.. أريد درجة أعلى.. وأخيراً ابتسمت ابتسامة عريضة.. سكن بعدها كل شيء في جسدها.. قد صعدت الروح إلى خالقها.. لقد ماتت بعد أن أختارت درجتها في الجنة.. اسأل الله أن يجعلها من أصحاب الفردوس الأعلى.. ماتت حافظة للقرآن.. داعية إلى الإيمان.. حريصة على الصلاة.. مواظبة على الطاعات.. لم تغرها الدنيا بشهواته وملذاتها..
حفظها الله بحفظها القرآن الكريم..
قصة من الواقع
الكاتب: عبدالله الهندي.
المصدر: موقع طريق التوبة.